مفهوم الترك بين الإمتداد والإخلاء في القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981
بقلــم: يحيى الجندى – المحامى بالنقض
– طبيعة العلاقة الايجارية دائماً ما كانت أمراً شائكاً بين المالك والمستأجر..
– خاصة العلاقات الإيجارية التى نشأت بين المالك والمستأجر فى ظل قوانين إيجار الأماكن الإستثنائية المتعاقبة والتى صدرت فى حقبة زمنية ماضية كان لزاماً على الدولة التدخل بتلك القوانين لتحقيق التوازن فى العلاقة بين المالك والمستأجر نظراً لوجود أزمة مُلحة فى السكن فى تلك الحقبة.
– وقد نظم المشرع تلك العلائق الإيجارية بموجب قوانين تعاقبت على مر الزمان..
– ولعل أهم تلك القوانين هى القانون رقم 49 لسنة 1977 , والقانون رقم 136 لسنة 1981.. ونتناول فى مقالنا اليوم مفهوم الترك فى تلك القوانين, وأثر معنى (الترك) فى الإمتداد أو الإخلاء.. إذ الواقع العملى أثبت وجود خلط بين مفهوم الترك الذى يبيح الإمتداد والترك الذى يجيز الفسخ والإخلاء.
– فالقاعدة فى قوانين إيجار الأماكن أن ترك العين المؤجرة للغير دون موافقة المالك من أحد الأسباب..
– التى تجيز للمالك إخلاء العين المؤجرة والتى أوردها المشرع على سبيل الحصر بالمادة 18 من القانون 139 لسنة 1981.. إلا أن المشرع قد استثنى من ذلك الترك الوارد بالمادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977ونتناول فيما يلى لفظ (الترك) الوارد فى الموضعين..
الأول منها ورد بالمادة 29/1 من القانون 49 لسنة 1977, والثانى ورد بالمادة 18/ج من القانون 136 لسنة 1981.
وفى بيان الموضع الأول: ورد لفظ (الترك) بالمادة 29 فقرة 1 من القانون 49 لسنة 1977.. وقررت:-
{مع عدم الاخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون لا ينتهي.. عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه أو أولاده أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتي الوفاة أو الترك}.
والبين من إستقراء هذا النص أن المشرع قد أورد مفهوم (الترك) بهذه المادة لتبيح إمتداد عقد إيجار الشقة السكنية لأقارب المستأجر الأصلى وهم.. الزوجة أو الأولاد أو الوالدين إذا ما قام المستأجر الأصلى بترك العين المؤجرة لهذه الفئة فقط من الأقارب الذين عددتهم المادة سيتمتع بمزية الإمتداد القانونى لعقد الإيجار للشقة السكنية.
والترك الذى يبيح الإمتداد يقوم على عنصرين أساسين أحدهما مادى والآخر معنوى.. والمادى يتمثل فى هجر المستأجر الأصلى الإقامة بالعين المؤجرة على وجه نهائى مع بقاء الزوج أو الأولاد أو الوالدين بالعين المؤجرة وقت الترك.. والمعنوى يتمثل فى نية التخلى عن العلاقة الإيجارية بمحض إراداته..
وفى ذلك استقر قضاء النقض على :-
(المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المقصود بالترك الذي يجيز للمقيمين مع المستأجر البقاء في العين المؤجرة والإمتداد القانوني لعقد الإيجار في مفهوم المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977.. هو الترك الفعلي من جانب المستأجر مع بقاء من كانوا معه وقت حصول الترك بشرط إستمرار عقد الإيجار قائماً ويجب أن يتوافر في الترك عنصران.. أولهما مادي يتمثل في هجر الإقامة على وجه نهائي والثاني معنوي بأن يصاحب هجر الإقامة فيها عنصر التخلي عن العلاقة الإيجارية لغيره بمحض إرادته عن طواعية وإختيار)
(الطعن رقم 3439 لسنــة 62 ق – جلسة 31 /5/2001 – مكتب فني 52 – رقم الجزء 2)
كما قضى :-
(ان النص في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 علي أن “…. لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والده.. الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.. يدل وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة أن الترك الذي يجيز لهؤلاء المقيمين مع المستأجر البقاء في العين المؤجرة.. هو الترك الفعلي للإقامة في العين من جانب المستأجر وأن الإمتداد القانوني للعقد لصالح المستفيد مناطه أن يكون عقد الإيجار مازال قائماً وقت الترك لم يفسخ قضاءً أو رضاءً…)
(الطعن رقم 542 لسنــة 59 ق – جلسة 5 / 12 /1993 – رقم الصفحة 1)
وبالتالى فإن أثر مفهوم الترك فى هذه المادة يبيح إمتداد عقد الإيجار لصالح فئة الأقارب التى نصت عليهم المادة 29/1 من القانون 49 لسنة 1977.. كان ذلك فى بيان الموضع الأول..
عن بيان الموضع الثانى …
– ورد لفظ (الترك) بالمادة 18/ج من القانون رقم 136 لسنة 1981 وقررت:-
لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو إنتهت المدة المُتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:
(جـ) إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر ، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي.. أو تركه للغير بقصد الإستغناء عنه نهائياً وذلك دون إخلال بالحالات التي يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشاً أو التنازل عنه أو تأجيره من الباطن أو تركه لذوي القربي وفقا لأحكام المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977.
والبين من إستقراء هذا النص أن المشرع قد أورد مفهوم (الترك) بهذه المادة كسبب من أسباب إخلاء العين المؤجرة..
والترك الذى ٌيبيح الإمتداد يقوم أيضاً على عنصرين أساسين أحدهما مادى والآخر معنوى.. والمادى يتمثل فى هجر المستأجر الأصلى الإقامة بالعين المؤجرة على وجه نهائي , والمعنوى يتمثل فى نية التخلى عن العلاقة الإيجارية للغير..
وفى ذلك استقر قضاء النقض على :-
(ترك العين المؤجرة.. عنصراه.. هجر المستأجر الإقامة فيها على وجه نهائى بنية تخليه عن العلاقة الإيجارية للغير)
(الطعن رقم 6345 لسنة 75 ق – جلسة 4 / 4 / 2007)
وبالتالى فإن مفهوم أثر ترك المستأجر العين المؤجرة بقصد الإستغناء عنها نهائياً للغير في حكم المادة 18/ج من القانون 136 لسنة 1981 يجيز للمالك إذا ما توافرت شروطه فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة..
ومما سبق يتبين..
– أن هناك فارق بين مفهوم الترك فى المادة 29 فقرة 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ومفهوم الترك فى المادة 18 فقرة ج من القانون رقم 136 لسنة 1981.
إذ المفهوم الأول للترك يبيح الإمتداد لأقارب المستأجر الأصلي (الزوج أو الأولاد أو الوالدين).. إذا ما توافرت شروطه على نحو ما سبق بيانه.
وفى المفهوم الثانى للترك يجيز للمالك فسخ وإخلاء العين المؤجرة إذا ما توافرت شروطه.
يمكنك الإطلاع على: